ملاحظات المواطنين- دعوة الملك الشفافية والمسؤولية الوطنية

المؤلف: حمود أبو طالب08.10.2025
ملاحظات المواطنين- دعوة الملك الشفافية والمسؤولية الوطنية

إن المقولة السامية التي تفوه بها خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال رعايته الكريمة لتدشين المشاريع التنموية الجليلة في المنطقة الشرقية، والتي احتفت بها الصحف بتقدير بالغ يوم الثلاثاء، تضعنا بأسرنا في صميم المعادلة الوطنية الجوهرية التي تتطلبها كل الظروف والأحوال، وتشتد الحاجة إليها في هذه الحقبة على وجه الخصوص، وذلك لكونها تمثل إحدى الركائز الأساسية لإزاحة الحواجز الوهمية التي يسعى بعضهم جاهداً لإخفاء الحقائق الناصعة خلفها، فضلاً عن كونها من الوسائل الهامة للمصارحة الجلية بالواقع المعاش بتفاصيله الدقيقة، ذاك الواقع الذي يتعمد البعض تجميله أو تحريفه عن عمد، الأمر الذي قد يفضي إلى اتخاذ قرارات غير صائبة قد تنجم عنها تداعيات وخيمة على الوطن ومقدراته، في حين كان بالإمكان تفادي تلك الأضرار المحتملة واتخاذ قرارات أكثر رشداً لو كانت الحقائق جلية وواضحة المعالم أمام متخذ القرار.

لقد تفضل خادم الحرمين الشريفين بالإعلان قائلاً: "أرجو من أي مواطن لديه ملاحظة أن يبلغني إياها". وبكل تأكيد، فإن فحوى هذه العبارة الضافية لا يقتصر على ما يتبادر إلى الذهن من ظاهرها المباشر، بل هي رسالة سامية ذات أبعاد وغايات أعم وأشمل من ذلك بكثير. فمن الناحية العملية، ليس من الممكن أن يقوم كل مواطن بإبلاغ ملاحظاته مباشرة إلى الملك، على الرغم من أن الفرصة متاحة للجميع لمقابلته حفظه الله في الأوقات المخصصة لاستقبال المواطنين الكرام، إلا أن هنالك قنوات ووسائل بديلة يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف النبيل الذي يتطلع إليه خادم الحرمين الشريفين، ولعل من أهم هذه القنوات الإعلام النزيه والمسؤولين الذين يرتبطون بصورة مباشرة بالملك، والذين يضطلعون بمهمة تقديم المعلومات والتقارير الموثوقة عن أحوال الوطن والمواطنين.

وفيما يتعلق بالإعلام، فإن عبارة الملك تمثل دعوة صريحة لكي يكون الإعلام هو الصوت الصادق الذي ينقل ملاحظات المواطنين بكل شفافية وأمانة وشجاعة، دون تزيين أو تحريف، ودون خشية أو تردد من المسؤولين، شريطة أن تكون تلك الملاحظات حقيقية وموضوعية، خالية من المبالغة والتضخيم والتحيزات الشخصية، وأن يكون الهدف منها هو الكشف عن الأخطاء والتقصير والإهمال والتجاوزات في أداء المسؤوليات والمهام الموكلة، فالإعلام قادر على أن يكون صوت كل مواطن يعبر عن ملاحظاته التي يود إيصالها إلى الملك، إذا ما نهض بواجبه المهني والأخلاقي تجاه وطنه العزيز، متحرراً من أية ضغوط أو تحفظات لا مسوغ لها.

أما المسؤولون، فعليهم أن يدركوا تمام الإدراك أنه يجب عليهم الترفع والتجرد من كل شيء، وأن لا يضعوا نصب أعينهم سوى المسؤولية العظيمة التي يحملونها أمام الله عز وجل وأمام من اختارهم ليكونوا أمناء على مصالح الوطن والمواطنين، وأوفياء في نقل كل معلومة يعرضونها عليه، ولو فعلوا ذلك لأصبحوا قناة بالغة الأهمية لوصول ملاحظات المواطنين إلى الملك. فالتقارير والمعلومات التي تتحدث بمثالية مفرطة عن كل شيء، بينما الواقع يشير إلى خلاف ذلك، هي ضرب من ضروب الخيانة للأمانة الملقاة على عاتقهم، أما الشجاعة والإقدام في توضيح الحقائق الناصعة للواقع المعاش، وما يعتريها من أوجه الخلل والنقص، واقتراح الحلول المناسبة لإصلاحها وتقويمها، فهي قمة الأمانة والوفاء والإخلاص للوطن والمواطن.

لا شك أن هناك وسائل أخرى جمة يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف النبيل الذي ينشده خادم الحرمين الشريفين، ولكن دعونا نبدأ بهذين الجانبين الهامين، ولنحرص على تفعيل دورهما بالشكل الأمثل.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة